قائمة المدونات الإلكترونية

‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقالات وكتب. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقالات وكتب. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، 30 سبتمبر 2014

الملك توت عنخ أمون



كان ما يسمى وادي الملوك الواقعة على الضفة الغربية من نهر النيل بالقرب من طيبة ولمدة 450 سنة أثناء عهد الدولة الحديثة من تاريخ قدماء المصريين التي امتدت من 1539 إلى 1075 قبل الميلاد بمثابة مقبرة لفراعنة تلك الفترة حيث يوجد في هذا الوادي الصخري الذي يبلغ مساحته ما يقارب 20,000 متر مربع 27 قبرا ملكيا تعود لثلاثة أسر وهي الأسرة المصرية الثامنة عشر والأسرة المصرية التاسعة عشر والأسرة المصرية العشرين تم اكتشافه لحد هذا اليوم.
يعتقد ان الوادي يضم على أقل تقدير 30 قبراً أخرى لم يتم اكتشافها لحد الآن. القبور المكتشفة في وادي الملوك لحد الآن وحسب الترتيب الزمني لحكم الفراعنة تعود إلى تحوتمس الأول وأمنحوتپ الثاني وتوت عنخ أمون وحورمحب وهم من الأسرة المصرية الثامنة عشر ورمسيس الأول وسيتي الأول ورمسيس الثاني وآمينمسيس وسيتي الثاني وسبتاح وهم من الأسرة المصرية التاسعة عشر وست ناختي ورمسيس الثالث ورمسيس الرابع ورمسيس الخامس ورمسيس التاسع وهم من الأسرة المصرية العشرون. وهناك قبور أخرى لفراعنة مجهولين لا زالت المحاولات جارية لمعرفتهم.
كان بناء قبر الفرعون يبدأ عادة بعد ايام من تنصيبه فرعونا على مصر وكان البناء يستغرق على الأغلب عشرات السنين وكان العمال يستعملون ادوات بسيطة مثل الفأس لحفر اخاديد طويلة وتشكيل غرف صغيرة في الوادي وبمرور الزمن كانت هناك قبور تبنى فوق قبور أخرى وكان شق الأنفاق والأخاديد الجديدة تؤدي في الغالب إلى انسداد الدهاليز المؤدية إلى قبر الفرعون الأقدم, انعدام التخطيط المنظم هذا كان السبب الرئيسي الذي أدى إلى بقاء هذه الكنوز وعدم تعرضها للسرقة لألاف السنين.
الضريح الرئيسي لقبر توت عنخ أمون
في4 نوفمبر 1922 وعندما كان عالم الآثار والمتخصص في تأريخ مصر القديمة البريطاني هوارد كارتر يقوم بحفريات عند مدخل النفق المؤدي إلى قبر رمسيس السادس في وادي الملوك لاحظ وجود قبو كبير واستمر بالتنقيب الدقيق إلى ان دخل إلى الغرفة التي تضم ضريح توت عنخ أمون وكانت على جدران الغرفة التي تحوي الضريح رسوم رائعة تحكي على شكل صور قصة رحيل توت عنخ أمون إلى عالم الأموات وكان المشهد في غاية الروعة للعالم هوارد كارتر الذي كان ينظر إلى الغرفة من خلال فتحة وبيده شمعة ويقال ان مساعده سأله "هل بامكانك ان ترى اي شيء ؟" فجاوبه كارتر "نعم اني ارى أشياء رائعة".
في 16 فبراير 1923 كان هوارد كارتر (1874 - 1939) أول إنسان منذ أكثر من 3000 سنة يطأ قدمه أرض الغرفة التي تحوي تابوت توت عنخ أمون. لاحظ كارتر وجود صندوق خشبي ذات نقوش مطعمة بالذهب في وسط الغرفة وعندما قام برفع الصندوق لاحظ ان الصندوق كان يغطي صندوقا ثانيا مزخرفا بنقوش مطعمة بالذهب وعندما رفع الصندوق الثاني لاحظ ان الصندوق الثاني كان يغطي صندوقا ثالثا مطعما بالذهب وعند رفع الصندوق الثالث وصل كارتر إلى التابوت الحجري الذي كان مغطى بطبقة سميكة من الحجر المنحوت على شكل تمثال لتوت عنخ أمون وعند رفعه لهذا الغطاء الحجري وصل كارتر إلى التابوتالذهبي الرئيسي الذي كان على هيئة تمثال لتوت عنخ أمون وكان هذا التابوت الذهبي يغطي تابوتين ذهبيين آخرين على هيئة تماثيل للفرعون الشاب. لاقى هاورد صعوبة في رفع الكفن الذهبي الثالث الذي كان يغطى مومياء توت عنخ أمون عن المومياء ففكر كارتر ان تعريض الكفن إلى حرارة شمس صيف مصر اللاهبة ستكون كفيلة بفصل الكفن الذهبي عن المومياء ولكن محاولاته فشلت واضطر في الأخير إلى قطع الكفن الذهبي إلى نصفين ليصل إلى المومياء الذي كان ملفوفا بطبقات من الحرير وبعد ازالة الكفن المصنوع من القماش وجد مومياء توت عنخ أمون بكامل زينته من قلائد وخواتم والتاج والعصى وكانت كلها من الذهب الخالص، لإزالة هذه التحف اضطر فريق التنقيب إلى فصل الجمجمة والعظام الرئيسية من مفاصلها وبعد ازالة الحلي اعاد الفريق تركيب الهيكل العظمي للمومياء ووضعوه في تابوت خشبي.
عرض المومياء
من مقتنيات مقبرة توت عنخ آمون
في فبراير 2010 قررت وزارة السياحة المصرية السماح بعرض مومياء الملك الفرعوني الشاب توت عنخ آمون أمام الجمهور لأول مرة منذ اكتشافها مع ضريحها الذهبي في مدينة الأقصر قبل 85 عاما[2].
وقال مدير هيئة الآثار المصرية زاهي حواس قوله إن العلماء المصريين بدؤوا قبل أكثر من عامين ترميم مومياء الفرعون توت عنخ آمون التي تعرضت لأضرار بالغة بعد إخراجها لفترة وجيزة من تابوتها الحجري عند إخضاعها للتصوير الطبقي المحوري[3]. وأضاف أن الجزء الأكبر من جسد المومياء مفتت إلى 18 قطعة تبدو كحجارة تحطمت أجزاء عندما اكتشفها عالم الأثار البريطاني هوارد كارتر أول مرة وأخرجها من قبرها وحاول نزع القناع الذهبي الذي كان يغطي وجه الملك توت عنخ آمون و اشار إلى أن الغموض الذي أحاط بتوت عنخ آمون وضريحه الذهبي أثار فضول وحماسة المعجبين بالدراسات المصرية القديمة منذ كشف كارتر موقع المومياء في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 1922، وما كانت تخبئه من كنوز الذهب والأحجار الكريمة.
وقد كان العلماء قد أخرجوا مومياء "توت عنخ آمون" من قبرها ووضعوها على طاولة التصوير الطبقي المحوري المتطور لمدة ربع ساعة عام 2005 من أجل الحصول على صورة ثلاثية الأبعاد لمومياء يزيد عمرها عن 3000 عام. و قد استبعدت نتائج الفحص الطبي أن يكون الفرعون الشاب قد مات قتلا، لكنها لم تستطع أن تحدد تحديدا دقيقا طريقة وفاته التي وقعت في العام 1323 قبل الميلاد. فقد اكتشفت الصور أن الملك توت عنخ آمون تعرض لكسر في فخذه اليسرى، بسبب حادث ما على الأرجح، أدى إلى إصابته لاحقا بمرض قاتل تعذر تحديده. كما قدمت الصور في حينه كشفا غير مسبوق حول حياة الفرعون الشاب الذي يعد من أشهر ملوك مصر القديمة، ومنها أنه كان معافى بسبب تغذيته الجيدة رغم نحول بنيته نسبيا التي لا يتجاوز طول قامتها 170 سنتميترا عند وفاته.
محاولات لمعرفة لغز وفاته
في 17 من فبراير عام 2010 أعلن زاهى حواس أمين عام المجلس الأعلى للآثار في مؤتمر صحفي بحديقة المتحف المصري مجموعة من الاكتشافات العلمية التي تحل العديد من ألغاز نهايات الأسرة الثامنة عشرة ومنها لغز وفاة توت عنخ آمون، فبتحليل الحمض النووى لمومياء الملك توت أظهرت النتائج أن سبب الوفاه يرجع لطفيل الملاريا، ومن المرجح أن المضاعفات الناجمة بشكل حاد عن المرض أدت لوفاته، كما كشف تحليل الحمض النووي والمسح بالأشعة المقطعية لمومياء توت عنخ آمون أن الملك إخناتون هو والد الملك توت. وكشفت النتائج أيضا أن الأمراض الجينية والوراثية لعبت دوراً في وفاة توت عنخ آمون، حيث كان يعانى من خلل جيني متوارث في العائلة وكان هناك ضعف وأمراض في هذه المومياءات، ومشاكل ذات علاقة بالقلب والأوعية الدموية. وعندما قام الباحثون بإجراء مسح لمومياء توت عنخ آمون، وجدوا إصابته بالعديد من الأمراض مثل إصابته باحدوداب في عموده الفقري، إلى جانب تشوه إصبع القدم الكبير، الأمر الذي أدى إلى ضمور في قدمه اليسرى.
وقال حواس إن الرسومات القديمة كانت تصور توت عنخ آمون وهو يطلق السهام، أثناء جلوسه في العربة التي تجرها الخيل، وليس أثناء وقوفه، وهو أمر غير عادي.. وفي قبره، عثرنا على 100 عصاة للمشي، وفي البداية اعتقدنا أنها تمثل السلطة والقوة، ولكن تبين أنها عكازات قديمة كان يستخدمها، فهو بالكاد كان يستطيع السير والمشي."
كما أوضح حواس إلى أن المسح الكمبيوتري للمومياء في العام 2005 كان يهدف إلى التحقق من أنه تعرض للقتل، نظراً لأن الصور السابقة بأشعة إكس كشفت عن وجود ثقب في جمجمته، مضيفاً أنه تبين أن هذا الثقب تم أثناء عملية التحنيط، غير أنه تم اكتشاف كسر في عظم الساق الأيسر، ربما يكون له دور في وفاة الفرعون الصغير.
أهمية كنوز توت عنخ امون
ترجع أهمية مجموعة الملك توت عنخ آمون إلى العديد من الأسباب؛ أولها أن كنز الملك توت عنخ أمون هو أكمل كنز ملكي عُثر عليه ولا نظير له، إذ يتكون من ثلاثمائة وثمان وخمسين قطعة تشمل القناع الذهبي الرائع وثلاثة توابيت على هيئة الإنسان، أحدها من الذهب الخالص والآخران من خشب مذهب. ثانيا:ًأن تلك الأمتعة ترجع إلى الأسرة الثامنة عشر أشهر وأزهى عصور الدولة الحديثة حيث انفتحت البلاد على أقاليم الشرق الأدنى القديم بفضل الحملات العسكرية والعلاقات التجارية من تصدير واستيراد للموارد والمنتجات المصنعة ونشاط أهل الحرف والفنانين. وأخيراً؛ أن هذه المجموعة الهائلة قد ظلت في مصر، وتوضح كيف كان القبر الملكي يجهز ويعد فهناك أمتعة الحياة اليومية كالدمى واللعب، ثم مجموعة من أثاث مكتمل وأدوات ومعدات حربية، وتماثيل للأرباب تتعلق بدفن الملك وما يؤدى له من شعائر، وبوق توت عنخ آمون الشهير المصنوع من الفضة وأخر من النحاس، وكل هذه المحتويات الآن بالمتحف المصري بالقاهرة. رابعاً: من هذا الكنز أو المجموعة الهائلة نتعرف على الكثير من حياة الملك وحبة للصيد وعلاقته بزوجته "عنخ أسن آمون" التي من المعتقد أن تكون قريبته، بالإضافة لمعرفة أهم أعماله وحاشيته، وأخيراً كرسي العرش الوحيد الذي وصل لنا من حضارة المصريين القدماء

الجمعة، 16 مايو 2014

أول صورة للطبقة الثانية من طبقات الأرض

أول صورة للطبقة الثانية من طبقات الأرض

إننا نعيش على جحيم ملتهب! هذه حقيقة رآها العلماء بالصور، فالقشرة الأرضية لا تشكل إلا طبقة رقيقة جداً، وهناك طبقة ثانية تحتها تتألف من صخور منصهرة...

هذه صورة عرضها موقع ناشيونال جيوغرافيك للطبقة الثانية للأرض، وهذه أول صورة مباشرة تم الحصول عليها بعد قيام العلماء بثقب في جزيرة هاواي (وهي جزيرة بركانية تشكلت بفعل انطلاق الحمم المنصهرة وتجمدها)، وشاهد العلماء هذه الطبقة الملتهبة في حالتها الطبيعية بعد إجراء الحفر في أرض الجزيرة البركانية على عمق 2.5 كيلو متر. ويؤكد الباحثون المختصون بعلم البراكين أن هذه فرصة لدراسة طبقات الأرض عن قرب.
 
إن هذه الصورة تذكرني بآية عظيمة ونعمة من نعم الخالق تبارك وتعالى! فماذا سيحدث لو أن القشرة الأرضية (الطبقة الأولى) والتي تعوم فوق الطبقة الثانية الملتهبة، لو أن هذه القشرة الرقيقة غاصت قليلاً في الحمم الملتهبة، ماذا سيحدث؟ إن سطح الأرض سيهتز وينقلب ويغرق في بحر من اللهب! وهذه النعمة تجعلنا نحمد الله تعالى، يقول عز وجل: (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ) [الملك: 16]. ومعنى تَمُورُ أي تضطرب وتميل وتغرق.

التغير المناخي: إنذار من الله

التغير المناخي: إنذار من الله

يمر العالم بتحولات خطيرة سوف نرى آثارها على البيئة والحيوان والنبات والإنسان، وما هذه التغيرات في درجات الحرارة والكوارث البيئية إلا إنذار من الله تعالى لنا لنعود إلى طريق الله وتعاليم كتابه...

كنتُ أتصفح بعض المواقع التي تقدم إحصائيات عن بعض الظواهر الخطيرة التي تعصف بنا في هذا العصر، فكان أهمها ظاهرة التغير المناخي وما يطلقه العلماء من تحذيرات واستغاثة من أن هذه الظاهرة ستقضي على النبات والحيوان والبر والبحر، فلماذا هذا التغير المفاجئ الذي يحدث لأول مرة في حياة البشر؟
ولكن الجواب جاء من إحصائيات أخرى كانت مرعبة! ففي العالم الغربي الذي هو في معظمه غير مسلم، تجد نسبة الزنا أكثر من تسعين بالمئة ومثلها تعاطي الخمور بأنواعها، وتجد نسبة الاغتصاب خمسين بالمئة ومثلها الطلاق! أما نسبة الشذوذ الجنسي فتبلغ في بعض الدول أكثر من عشرين بالمئة! كل هذا في كفة وفي الكفة الأخرى نجد ظاهرة "الربا" التي تفشت حتى بلغت في الدول غير الإسلامية مئة بالمئة تقريباً، نجدها في الدول الإسلامية انتشرت بشكل غريب فلا تكاد تجد من يسلم من الربا في هذا العصر، والله تعالى قد أعلن الحرب على آكل الربا.
أما الفواحش فقد أعلن النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم عليها حرباً عندما أنذر من يرتكبها بالأمراض والأوبئة، وبالفعل نرى اليوم هذه الأمراض المستعصية التي نشأت حديثاً بسبب الفواحش المعلنة، حتى إن آخر الدراسات وجدت أن الطالبات المراهقات في أمريكا يُصبن بنسبة أكثر من 25 % بالأمراض الجنسية المعدية نتيجة تعاطي "الجنس". وإذا ما تحدثنا عن القنوات والمواقع الإباحية تجد عشرات الآلاف من المواقع والقنوات التي تبث سمومها ليل نهار، ويشاهدها مئات الملايين من المسلمين وغير المسلمين حتى أصبحت مرضاً مستعصياً.
وتساءلت من جديد: ما هي نسبة المسلمين الذين يؤدون حق الله في الزكاة؟ وما هي نسبة المسلمين الذين يعملون لآخرتهم ويحبون لإخوتهم ما يحبونه لأنفسهم ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة؟ وكم نسبة المسلمين الذين يدعون إلى الله وكم وكم ... وللأسف وجدتها لا تتناسب مع الأعداد الهائلة للمسلمين في العالم اليوم.
وتذكرتُ قول الحق تبارك وتعالى وإنذاره: (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [السجدة: 21]، فأدركت أن ظاهرة التغير المناخي بما تحمله من فساد وتلوث وغلاء وبلاء، إنما هي إنذار من الله ونوع من العذاب الأدنى. وقد تحدث القرآن عن هذه الظاهرة بوضوح كامل في قوله تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الروم: 41]. فهذه الآية تحدد لنا بدقة رائعة أن الفساد سيظهر في البر والبحر وأن الإنسان هو المسؤول عن ذلك، وأن هذا الإنذار نوع من أنواع العذاب لعلنا نرجع إلى الله تعالى. والسؤال: ما هي آخر الدراسات حول هذه الظاهرة؟ وماذا يقول علماء الغرب حول التغير المناخي وآثاره الخطيرة على البيئة؟ لنتأمل النداء الذي يطلقه العلماء اليوم والنداء الذي أطلقه القرآن عندما قال: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) [الأعراف: 56]. لنقرأ هذه المقالات المنشورة على موقع بي بي سي وموقع سي إن إن حديثاً:
ظهور الفساد في البر
أفادت دراسة علمية بأن التغيرات المناخية قد تؤدي إلى انقراض ملايين الكائنات الحية بحلول عام 2050 وأوضح معدو الدارسة التي نشرت في دورية "نيتشر" أنه بعد دراسة مطولة لست مناطق في العالم أن ربع الكائنات الحية التي تعيش في البر قد تنقرض. وأضافوا أن اتخاذ الإجراءات اللازمة لتقليل نسبة الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري وعلى رأسها ثاني أكسيد الكربون قد ينقذ العديد من أنواع الكائنات الحياة من الاندثار. وها هي الأمم المتحدة تؤكد أن هذه الظاهرة الخطيرة تهدد ملايين البشر الذين يعتمدون على الطبيعة للبقاء على قيد الحياة.
وفي تقرير يحمل اسم "خطر الانقراض الناجم عن التغيرات المناخية"، نشر العلماء نتائج دراستهم لست مناطق تتميز بالتنوع الأحيائي وتمثل 20 بالمئة من مساحة اليابسة على كوكب الأرض. واستخدمت الدراسة نماذج إلكترونية لمحاكاة رد فعل 1103 نوعاً من الكائنات الحية بما فيها الثدييات والنباتات والطيور والزواحف والضفادع والفراشات، إزاء أي تغير في درجات الحرارة ومناخ الأراضي التي تعيش بها. ووضع العلماء ثلاثة احتمالات لتغير مناخ الأرض وهي أقل تغير ممكن وتغير متوسط وأقصى تغير ممكن. وتم إعداد هذه الاحتمالات على أساس بيانات مستقاة من اللجنة الحكومية البريطانية للتغيرات المناخية. كما اشتملت الدراسة على تقييم ما إذا كانت تلك الحيوانات والنباتات ستكون قادرة على الانتقال إلى مناطق جديدة.
 
يؤكد فريق العمل الذي شارك في الدراسة إلى أن ما بين 15 و37 من كافة الكائنات الحية التي تعيش في المناطق التي شملتها الدراسة قد تتعرض للانقراض بسبب التغيرات المناخية على الأعوام القادمة وحتى سنة 2050 ويقول الأستاذ كريس توماس من جامعة ليدز الإنجليزية والذي يترأس فريق البحث: إذا تم تعميم هذه الاستنتاجات في جميع أنحاء العالم وعلى أنواع أخرى من الحيوانات والنباتات البرية فإننا نرجح أن ملايين أنواع الكائنات الحية قد تتعرض لخطر الانقراض، فبعض الأنواع ستحرم من البيئة المناخية المواتية لمعيشتها، كما لن تتمكن بعض الأنواع الأخرى من الهجرة إلى مواقع ذات بيئة ملائمة.
العديد من الآثار الخطيرة للتغيرات المناخية سوف تؤدي إلى التفاعل بين التهديدات المختلفة وليس تغير المناخ نفسه، وهذا الأمر لم يتوقعه العلماء، لكنهم أوضحوا أن هناك بعض المؤشرات على أن الأمور لن تتدهور بدرجة كبيرة حيث أكدوا أنه في حالة حدوث أقل تغير مناخي حتى عام 2050، وهو ما اعتبروه أمراً حتمياً، فإن ذلك يعني أن 18 بالمئة من أنواع الكائنات الحية المتضررة ستندثر. أما في حالة حدوث تغير مناخي متوسط المستوى فإن معدل الانقراض سيصل إلى 24 بالمئة، بينما سيبلغ معدل الانقراض 35 بالمئة إذا وقع أقصى تغير مناخي يمكن أن تتعرض له الأرض خلال الأعوام القادمة.
وقال جون لانشبيري من الجمعية البريطانية الملكية لحماية الطيور الذي درس علوم وأنماط التغير المناخي لسنوات: "يبدو الأمر كما لو أننا ليس بوسعنا اتخاذ أي إجراء لتفادي انقراض بعض الأنواع. يجب علينا دائما محاولة الالتزام بأقل السيناريوهات ضررا التي وردت في الدراسة."
 
يقول الدكتور كلاوس توبفير رئيس برنامج الأمم المتحدة للبيئة "إذا انقرض مليون نوع من الكائنات فإن الضرر لن يقع فقط على مملكة النبات أو الحيوان أو الشكل الجميل للأرض بل المليارات من البشر وخاصة سكان الدول النامية سيتضررون هم الآخرون لأنهم يعتمدون على الطبيعة التي توفر لهم حاجاتهم الأساسية من غذاء وأدوية ومأوى."
ظهور الفساد في البحر
يؤكد العلماء أن كمية غازات ثاني أكسيد الكربون التي تمتصها المحيطات في العالم قد قلت. وأخذ باحثون من جامعة إيست أنجليا أكثر من 90 ألف قياس بفضل سفن تجارية مزودة بأجهزة إلكترونية لتحديد كمية ثاني أكسيد الكربون التي امتصتها المحيطات. وأظهرت نتائج الدراسة التي أنجزها فريق البحث على مدى عشر سنوات في شمال المحيط الأطلسي أن كمية ثاني أكسيد الكربون التي امتصها المحيط قلت بنسبة النصف ما بين أواسط التسعينيات من القرن الماضي وعام 2005. ويعتقد العلماء أن ارتفاع درجة حرارة الأرض يزداد سوءا في حال امتصاص المحيطات كميات أقل من الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
وقال الباحثون إن نتائج أبحاثهم التي نُشرت في مجلة " جيوفيزكال ريسرتش" العلمية كانت مفاجئة ومقلقة في الوقت ذاته لأنه كانت هناك أسباب تدعو للاعتقاد أن عامل الزمن من شأنه جعل المحيطات مُشبعة بالانبعاثات الغازية. ويعتقد العلماء أن الاحتباس الحراري يزداد سوءاً في حال امتصاص المحيطات كميات أقل من الغازات.
ويقول محلل بي بي سي لشؤون البيئة، روجر هارابين: الباحثون لا يعرفون ما إن كان التغير الحاصل ناتج عن التغير المناخي أو يُعزى إلى تغيرات أخرى تحدث في الطبيعة، غير أن الباحثين يقولون إن نتائج أبحاثهم تمثل مفاجأة كبرى ومصدر قلق لهم بسبب وجود ما يدعو إلى الاعتقاد أنه مع مرور الوقت، فإن المحيط قد يصبح مشبعاً بانبعاثاتنا أي أنه غير قادر على امتصاص كميات إضافية، وأن هذا الوضع سيجعل الانبعاثات التي نتسبب فيها ترفع درجة حرارة الجو. ولا يبقى من غازات ثاني أكسيد الكربون المنبعثة إلى الجو سوى نصف الكمية بينما يتحول النصف الآخر إلى ترسبات فحمية.
 
تنبأ فريق من الباحثين البريطانيين والفنلنديين بأن منسوب مياه البحر قد يرتفع مع نهاية القرن الحالي بمعدل يصل إلى متر ونصف المتر مقارنة بالوضع الراهن. ويتجاوز الرقم الجديد بشكل كبير المستوى الذي كانت اللجنة الدولية لتغير المناخ (آي بي سي سي) قد تنبأت بالوصول إليه في إطار التقييم الذي كانت قد أجرته العام الماضي وشكل علامة فارقة في مجال دراسة علم المناخ، حيث رأت ان الارتفاع سيكون عام 2100 بين 28 و43 سنتمترا فقط.
وتقول الدكتورة سفيتلانا جيفريجيفا، من مختبر براودمان لعلوم المحيطات ببريطانيا وهي أحد أعضاء فريق البحث العلمي: إن المعدل العالمي لمستوى مياه البحر العالمي كان مستقرا للغاية على مر السنوات الـ 2000 الماضية، إذ أنه تغيير بحدود 20 سنتمترا فقط خلال كل تلك الفترة، إلا أنه مع نهاية القرن الحالي، فإننا نتوقع أن يرتفع منسوب مياه البحر بمعدل يتراوح بين 0.8 و1.5 متراً. إن الزيادة السريعة في ارتفاع منسوب مياه البحر خلال السنوات المقبلة مرتبط بسرعة ذوبان الطبقات الجليدية.
فوفقاً للدراسة الجديدة التي أعدها فريق الباحثين المشترك، سيكون لمثل هذا الارتفاع إلى هذا الحد في مستوى مياه البحر آثار جوهرية على البلدان التي تضم أراضٍ منخفضة مثل بنجلاديش. وقد عرض الباحثون النتائج التي توصلوا إليها في دراستهم أمام المؤتمر السنوي للاتحاد الأوروبي للعلوم الجيولوجية الذي عُقد في العاصمة النمساوية فيينا مؤخراً.
ويقول الخبير سايمون هولجيت إن هنالك القليل من الأدلة الملموسة التي تشير إلى تغير في مستويات مياه البحر على مدى آلاف السنين قبل فترة الثلاثمائة سنة الماضية. هنالك بعض الأدلة الأثرية المحدودة التي تعتمد على ارتفاع أحواض الأسماك التي كان يستخدمها الرومان، وربما شكلت تلك الدليل الأقوى على أنه لم يكن هنالك ثمة تغير كبير في منسوب مياه البحر على مر السنوات الـ 2000 الماضية. إن الارتفاع المسجل حاليا في منسوب مياه البحر، والذي يصل إلى حوالي ثلاثة سنتمترات في العام الواحد، يُعتبر كبيراً جداً، وإن العديد من العلماء العاملين في هذا الميدان يتوقعون أن يشهدوا تسارعاً أكبر في ارتفاع مستوى مياه البحر في المستقبل.
 
الباحث الألماني ستيفان راهمستورف كان قد استخدم العام الماضي (2007) طريقة مختلفة لقياس ارتفاع مستوى مياه البحر، لكنه توصل إلى نتيجة مشابهة لتلك التي توصل إليها فريق الدكتورة جيفريجيفا، إذ توقع ارتفاعا في منسوب مياه البحر يتراوح ما بين 0.5 و 1.4 مترا في عام 2100. وتشير آخر المعلومات التي تم الحصول عليها عن طريق الأقمار الاصطناعية إلى أن طبقات الجليد في جرينلاند ومناطق غربي القطب الجنوبي بدأت بالفعل تفقد جزءا من كتلتها بفعل ذوبان الجليد، على الرغم من أن الطبقات الجليدية في شرقي القارة القطبية الجنوبية قد تكون آخذة بدورها بالازدياد.
ظهور الفساد في عالم النبات والحيوان والطيور
جاء في دراسة علمية جديدة أن ظاهرة التغير المناخي تسببت في تغييرات بارزة في النبات والحيوان. وجاء في الدراسة التي نشرت في مجلة الطبيعة أن ارتفاع الحرارة بمعدل ستة بالعشرة من الدرجة المئوية في القرن العشرين، أدى إلى بدء موسم النمو في أوروبا وأمريكا الشمالية أبكر من موعده السابق. وتقول الدكتورة نِكي نيلسون: إن ارتفاع درجة الحرارة بدرجة مئوية واحدة قد يؤدي إلى انقراض الحيوانات التي تعرف بالتوتورا، وهي خليفة الديناصور المنقرض. إن درجة مئوية واحدة تحدث تغييراً في الأجواء التي تنمو فيها أجنة الذكور أو الإناث.
 
كما تبين أن البعوض الذي يحمل الأمراض في الأراضي المرتفعة في آسيا وشرق أفريقيا ودول أمريكا اللاتينية أصبح بإمكانه العيش على ارتفاعات أكثر من ذي قبل. ويقول العلماء الذين قاموا بتلك الدراسة إن ارتفاع درجات الحرارة يعني أيضا أن هناك بعض العينات من النبات والحيوان سيكون مصيرها الفناء. وقد توقع بعض الخبراء أن ترتفع درجة الحرارة بشكل كبير خلال الخمس سنوات المقبلة.
توصلت دراسة عالمية أُجريت مؤخرا إلى نتيجة مفادها أن تغيرات المناخ تزيد إلى حد كبير حجم المخاطر التي تواجهها الطيور في أرجاء العالم المختلفة ويهدد بانقراضها. فقد حذرت مؤسسة "القائمة الحمراء للطيور لعام 2008" من أن حالات الجفاف التي تتعرض لها بعض المناطق على المدى البعيد وظروف الطقس القاسية جداً تفرض المزيد من الضغط على المواطن الرئيسية للطيور في العالم. وشملت القائمة التي أوردتها الدراسة التخمينية 1226 نوعا من الطيور المهددة بالانقراض، وهذا ما يشكل ثمن عدد الطيور الموجودة في الطبيعة.
يقول الدكتور ستيوارت بوتشارت، منسق قسم المؤشرات والبحوث في مؤسسة "بيردلايف إنترناشيونال"، تعليقاً على نتائج الدراسة: من العسير جدا أن نعزو بدقة بعض التبدلات الخاصة لدى طيور بعينها إلى تبدل المناخ. إلا أن هنالك مجموعة كاملة من أنواع الطيور تصبح بوضوح مهددة نتيجة ظروف الطقس القاسية جدا والجفاف.
 
يرى الدكتور بوتشارت أن "القضاء على الكائنات التي تغزو مناطق الطيور تلك أو ضبطها هو إجراء فعال جداً للحفاظ عليها وهو قابل للتطبيق، إذ أنه يساعد الطيور على الصمود في وجه الضغوط الإضافية التي يرتبها عليها تغير المناخ." يؤكد الدكتور بوتشارت أن المناطق الحرارية تتغير وتتحول بسبب تغير المناخ، فقد بدأت المناطق المرتفعة تشهد درجات حرارة مرتفعة أيضا، وبالتالي أصبح بإمكان البعوض الانتقال إلى تلك المناطق المرتفعة. إن مثل هذا الأمر يلتهم المناطق الخالية من البعوض التي اعتادت الطيور أن تشغلها. ورغم ما أظهرته الدراسة الأخيرة من تواصل في انخفاض أعداد الطيور في العالم، إلا أن المعنيين بالحفاظ عليها ما زالوا متفائلين بإمكانية إنقاذ العديد من أنواع الطيور المهددة بالانقراض.
ويقول الدكتور بوتشارت: لا يوجد شك بصحة أننا نشهد أزمة غير مسبوقة بشأن الحفاظ على تلك الطيور، إلا أنه لدينا قصص نجاح في هذا المجال، وهي تمنحنا الأمل بأنه ليس كل الأنواع مهددة بالخطر ومحكوم عليها بالانقراض.
العلماء يطلقون صيحات الاستغاثة
فقد ناشد وزراء البيئة في مجموعة الدول الغنية اتخاذ الخطوة الأولى في خفض انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري. وحث الوزراء في بيان أصدروه عقب اجتماع عقدوه في اليابان زعماء دولهم على اعتماد هدف خفض انبعاث هذه الغازات إلى النصف بحلول عام 2050، وكانت قمة الثماني الأخيرة التي عقدت في 2007 بألمانيا قد قررت دراسة هذا الموضوع بجدية، وذلك بعد معارضة أمريكية وروسية. وقال وزير البيئة الياباني ايشيرو كاموشيتا في مؤتمر صحفي: من أجل تحقيق النجاح في خفض كمية الانبعاث إلى النصف، يتوجب على الدول الغنية أخذ زمام المبادرة.
وفي آخر تحذير أطلقه العلماء لعلاج هذه الظاهرة أنهم يؤكدون من خلال الدراسات أن العالم بحاجة لاستثمار 45 تريليون دولار في مصادر الطاقة خلال العقود المقبلة، بالإضافة إلى بناء 1400 مفاعل نووي، وتوسيع العمل بالطواحين الهوائية من أجل تقليص انبعاث الغازات الدفيئة إلى النصف بحلول العام 2050. والتقرير الذي صدر عن وكالة الطاقة الدولية، التي تتخذ من باريس بفرنسا مقراً لها، يتصوّر "ثورة للطاقة" من شأنها أن تخفض وبشكل كبير اعتماد العالم على الوقود المستخرج من الأرض، وفي نفس الوقت الحفاظ على نمو الاقتصاد العالمي بثبات.
وجه الإعجاز
1- القرآن أول كتاب يتنبأ بظاهرة التغير المناخي التي تصيب البر والبحر، والقرآن أول كتاب يحدد المسؤول عن هذا الفساد وهو البشر، من خلال قوله تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ).
2- القرآن أول كتاب يحذر من خطورة الإفساد في الأرض بعد أن أصلحها الله لنا، أي أن الأرض مرت بعصور لم تكن صالحة فأصلحها الله، وذلك في قوله تعالى: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا).
3- القرآن هو أول كتاب يحذر من ظاهرة الإسراف في كل شيء، لأن البشر عندما أسرفوا في الطعام والشراب والرفاهية الزائدة والتلوث ... كانت هذه الظاهرة هي السبب المباشر في التغير المناخي،  يقول تعالى: (وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)[الأنعام: 141]. ويقول أيضاً: (وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ) [الشعراء: 151-152].
4- القرآن يتنبأ بأنه سيأتي زمن على بعض الناس ويسرفون في حياتهم، يقول تعالى: (ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ) ومع أن هذه الآية تتحدث عن بني إسرائيل، إلا أنها تنطبق على كل مسرف. لأننا نجد اليوم أن الدول الغنية وهي تقوم على الإلحاد هي الأكثر تلويثاً للبيئة، والأكثر إسرافاً في المال والاستئثار بالثروة على حساب الفقراء.
5- حذر القرآن من أولئك الذين يفسدون في الأرض بسبب الترف الزائد والمليارات التي ينفقونها في الفواحش، يقول تعالى:(وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ) [البقرة: 205]. فقد ربط البيان الإلهي هنا بين الإفساد في الأرض وبين إهلاك الحرث من بيئة ونبات، وإهلاك النسل من طيور وزواحف وكائنات حية، ألا تظنون معي أن هذه الآية تتنبأ بانقراض الكائنات الحية الذي يشهده العالم اليوم؟

أقول يا أحبتي! هذا هو كتاب الله يخبرنا بالكوارث قبل وقوعها، فلماذا لا نعتمد هذا القرآن مرجعاً لنا في كل شيء؟ ولماذا لا نتدبر ما جاء فيه من حقائق علمية ذكرها الله لتكون وسيلة للحياة السعيدة والمستقرة، ولو طبق الناس كل ما جاء في القرآن لما رأينا مثل هذه الكوارث من زلازل وأعاصير وفيضانات، إنها إنذار من الله ونوع من العذاب الأدنى عسى أن نرجع إلى الله تعالى. إن الله تعالى أعطانا العلاج لمثل هذا الفساد ألا وهو الدعاء والرجوع إلى منهج الله، ولذلك ربط الله بين الفساد البيئي وبين الدعاء، قال تعالى: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا) ثم قال: (وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)وهذا حل عملي لمشكلة المناخ اليوم، وبغير هذا الحل سوف تستمر الكوارث والأعاصير والزلازل والفيضانات والمجاعات.
وندعو بدعاء النبي الأمي صلى الله عليه وسلم: اللهم إنا نسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدنيا والآخرة.

ظاهرة تقلب الليل والنهار ... بالصور

ظاهرة تقلب الليل والنهار ... بالصور

إنها ظاهرة رائعة حدثنا عنها القرآن ألا وهي ظاهرة تقلب الليل والنهار، إنها ظاهرة تستحق التفكر طويلاً، لنقرأ ما كشفه العلماء حول هذه الظاهرة وكيف حدثنا القرآن عنها بمنتهى الوضوح......

من الحقائق الكثيرة التي تحدث عنها القرآن حقيقة الليل والنهار وكيف أن الله تبارك وتعالى يقلّب الليل والنهار، ويكور الليل على النهار، ويكور النهار على الليل، آيات كثيرة تستحق منا أن نعطيها شيئاً من وقتنا لنتأمل في دقة كلماتها ودلالاتها العظيمة فهذه الآيات هي وسيلة لنا نحن المؤمنين نزداد بها إيماناً، ونزداد بها علماً ونوراً وحباً لهذا الكتاب العظيم.
من عجائب النوم
الآيات التي تحدثت عن الليل والنهار كثيرة، يقول تبارك وتعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) [الروم: 23]. فالليل آية من آيات الله جعل الله تبارك وتعالى فيها النوم آية أيضاً، ومن عجائب النوم ما وجده العلماء في بداية العام (2007) أثناء مراقبتهم لدماغ الإنسان وهو نائم، فقد كان الاعتقاد في السابق أن الإنسان عندما ينام يتوقف الدماغ عن العمل، ولكن تبين فيما بعد وذلك باستخدام أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي FMRI (جهاز المسح الوظيفي بالرنين المغناطيسي).
 
يبين الشكل صورة الدماغ كما يبدو من خلال جهاز الرنين المغنطيسي، والبقع الحمراء هي الأماكن التي تنشط في الدماغ أثناء النوم في حالة محددة، وفي حالات أخرى تنشط مناطق أخرى وهكذا... طبعاً هذه الأجهزة أظهرت صوراً للإنسان وهو نائم وكان دماغه في حالة حركة ونشاط مستمر طيلة نومه، بل كانت تمر عليه فترات أثناء النوم ينشط فيها دماغه أكثر من اليقظة. وهنا بدأ العلماء تجارب جديدة عندما لاحظوا أن المعلومات التي يتلقاها الإنسان وهو نائم تتفاعل مع خلايا دماغه دون أن يشعر لأن العقل الباطن هو الذي يكون في هذه الحالة يعمل.
فقد قام الباحثون بإجراء تجربة على عدة أناس نائمين، وراقبوا أدمغتهم بهذه الأجهزة وجدوا في دماغ الإنسان مناطق تنشط وتتفاعل مع المعلومات التي يتم إلقاؤها، ومن هنا خرجوا بنتيجة وهي أن الإنسان عندما ينام فإنه ينام ثلث عمره تقريباً، فاليوم 24 ساعة وإذا نام الإنسان وسطياً 8 ساعات فإنه بذلك ينام ثلث اليوم وبالتالي فإن ثلث عمره يقضيه في النوم.
ولذلك فكروا أن يستفيدوا من هذه الفترة في التعلم أثناء النوم ونحن دائماً ينبغي علينا أن نستفيد من أبحاث هؤلاء العلماء، ولكن نستفيد منها في عبادتنا لربنا، وتطوير تأملنا للقرآن وحفظنا لهذا الكتاب العظيم، لذلك نجد أن الإنسان عندما يكون نائماً مثلاً، وهنالك شريط قرآن مرتل يتلى على مسامعه (وهو نائم) فإن صوت القرآن "آيات القرآن" هذه يتم تخزينها في الدماغ وهو نائم، ولذلك اقترحت طريقة وهي: حفظ القرآن أثناء النوم.
فكل ما عليك أن تفعله أن تستغل هذه الآية من آيات الله التي حدثنا عنها ولفت انتباهنا إليها ولكننا للأسف قصَّرنا في البحث فسبقنا الغرب إليها، هذه الآية التي قال الله تبارك وتعالى فيها: (وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) هذا المنام (النوم) هو آية ومعجزة من معجزات الله ونعمة من نعمه، وربطها بالسمع قال: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ)، أي أن هنالك علاقة ما بين النوم وما بين السمع (وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ). هنالك الكثير من الآيات التي حدثنا الله تبارك وتعالى فيها عن الليل والنهار ومن هذه الآيات العظيمة قول الحق تبارك وتعالى: (وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ) [يس: 37].
 
تأملوا معي هذه الصورة التي التقطتها وكالة ناسا للفضاء! حيث التقطوا صورة للمنطقة التي يتداخل فيها الليل مع النهار، فإذا ما تأملنا هذه الصورة جيداً نلاحظ أن طبقة النهار هي طبقة رقيقة أشبه بالجلد الذي يغلف الحيوانات أو الدابة أو الإنسان أو أي شيء له غلاف رقيق، هذه الطبقة الرقيقة هي طبقة النهار، ولا يزيد سمكها عن أكثر من 1 على 100 من قطر الأرض1 أي هي أقل من 1 على 100 من قطر الأرض. هذه الطبقة الرقيقة تغلف نصف الكرة الأرضية المقابل للشمس، والنصف الآخر يخيم عليه الظلام، وحتى هذه الطبقة محاطة من جميع جوانبها بالظلام بالليل، ولذلك عندما وصف الله تبارك وتعالى لنا في آية أخرى هذه الظاهرة قال عز وجل:(يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ) [الزمر: 5]، وقال أيضاً: (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ) [الحديد: 6]، وقال: (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ) [الأعراف: 54] فلم يقل (يغشي النهار الليل) بل قال: (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ) أي أن الليل يغشى النهار من جميع جوانبه.
وهذه الحقيقة لم يكن أحدٌ يتصورها أبداً من قبل، الإنسان الذي يقف على سطح الأرض، وأثناء النهار ينظر إلى السماء يظن بأن شعاع الضوء متصل حتى الشمس (من الأرض إلى الشمس) يظن أن النهار يشمل كل هذه المسافة.
 
عندما خرج الإنسان خارج الغلاف الجوي (عندما خرج خارج الأرض) وجد أن الشمس تبدو كنجم صغير جداً لامع، أي أنك عندما تخرج خارج الأرض لا ترى الشمس بصورتها التي تراها من على الأرض، لذلك قال تعالى: (وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا) [النبأ: 13] فالشمس عندما تلقي بأشعتها إلى الغلاف الجوي وهج هذا الشمس وهذه الأشعة الشمسية تتفاعل مع طبقات الغلاف الجوي وتتفاعل مع ذرات الهواء وتشكل هذه الطبقة من النهار التي نراها وما هي إلا طبقة رقيقة جداً.
وأثناء تداخل الليل مع النهار عندما نخرج إلى خارج الأرض إن الصورة التي يراها رائد الفضاء تشبه تماماً طبقة رقيقة موجودة على كرة يتم إزالتها شيئاً فشيئاً وكأن طبقة النهار الرقيقة تنسلخ عن الليل المحيط بها من كل جانب، ولذلك قال تبارك وتعالى: (وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ) [يس: 37].
سبحان الله.. إن الذي يتأمل هذه الصور، ليست الصور التي التقطتها وكالات الفضاء.. لا.. بل الصور القرآنية، القرآن فيه إعجازٌ تصويري يصور لنا الأشياء وكأننا ننظر إليها من خارج الأرض، لأن الله تبارك وتعالى هو خالق الكون ويصف لنا الحقائق كما هي، ولذلك عندما قال تبارك وتعالى في شهر الصيام في سورة البقرة: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) [البقرة: 187] إن الذي ينظر إلى السماء لا يرى أي خيوط، أين هو هذا الخيط، إنها إشارة أثناء صيامنا أن نتحرى بداية ظهور الفجر، هذا هو الخيط الأبيض من الخيط الأسود.
 
قام العلماء بتصوير المنطقة التي تفصل الليل عن النهار، ولكن جميع الصور جاءت غير واضحة، لأن هذه المنطقة يحدث فيها تداخل لا يمكن أن نراه بالعين المجردة ولا حتى بالعدسات (عدسات التلسكوبات) السبب في ذلك أن منطقة التداخل بين الليل والنهار تمتد لمسافة طويلة والتداخل متدرج جداً، لذلك فإن ظاهرة تداخل الليل مع النهار من الظواهر التي تُدهش وتحير العلماء ولذلك فإن الله تبارك وتعالى ذكرها لنا في كتابه عندما قال: (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ) إذاً تداخل الليل في النهار وتداخل النهار في الليل هو آية من آيات الله.
ولكن بعض العلماء في العام 2006 قاموا بعملٍ رائع، فقالوا إننا سنبحث عن المنطقة التي تفصل الليل عن النهار أثناء دوران الأرض، لأن الأرض عبارة عن كرة تدور في مواجهة الشمس (تدور حول نفسها في مواجهة الشمس) فالمنطقة من الأرض التي تسقط عليها أشعة الشمس هي منطقة النهار، والمنطقة الأخرى أو الوجه الآخر هو الوجه المظلم أو هو "منطقة الليل"، وبينهما يحدث التداخل أو الإيلاج (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ).
حاول العلماء التقاط صور ولكن الصور جاءت غير واضحة كما نراها، فقاموا بتركيب صور على الكمبيوتر، حيث أنهم التقطوا صوراً للأرض من عدة زوايا، فالأرض 360 درجة، فهي عبارة عن كرة زاويتها المحيطية 360 درجة، فقاموا بالتقاط صور للكرة الأرضية من جميع الزوايا، وفي أوقات متنوعة من الليل والنهار، وأزالوا تأثير الغيوم لأن الغيوم دائماً تغطي أجزاء كبيرة من الكرة الأرضية – لذلك عندما ننظر من الخارج (من خارج الأرض) فإن هذه الغيوم تُخفي لنا تحتها منطقة تداخل الليل مع النهار – فقاموا بإزالة هذه الغيوم بواسطة برامج خاصة على الكمبيوتر وقاموا كذلك بإعطاء الأرض الشكل الأقرب للواقع – قاموا بتوضيح معالم الكرة الأرضية البر والبحر والأماكن والمدن التي تظهر فيها الإضاءة وغير ذلك – وكانت النتيجة أنهم وجدوا أن هنالك خطاً دقيقاً يفصل بين الليل وبين النهار.
 
هذا ما تظهره الصور التي التقطها العلماء حديثاً وقاموا بمعالجتها على الكمبيوتر فظهرت أمامنا مثلاً قارة أوربا كما نراها وأفريقيا والبحر الأبيض المتوسط وهنالك خط فاصل يفصل الليل عن النهار، ونرى في منطقة الليل كأن هنالك خيطاً أسود أو خطاً أسود رفيعاً، وفي منطقة النهار خطاً أبيض وبينهما منطقة ضيقة جداً هذه هي منطقة الفجر. ولذلك فإن الله تبارك وتعالى وصف لنا هذا المشهد الذي لا يمكن أبداً أن نراه بأعيننا ولكننا رأيناه أخيراً بالكمبيوتر عندما قال: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ).
إنها معجزات قرآنية تشهد على أن القرآن يحوي إعجازاً تصويرياً مبهراً يصور لنا حقائق الأمور قبل أن نراها. فالله تبارك وتعالى حدثنا عن ظاهرة أخرى أيضاً تتعلق بالليل والنهار وهي آيات تشير إلى معجزات علمية يقول تبارك وتعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ، قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ) [القصص: 71-72]. وهنا يعجب الإنسان من دقة هذا الوصف لليل والنهار في زمن نزول القرآن، كيف يمكن لليل أن يكون سرمداً دائماً خالداً إلى يوم القيامة، وكيف يمكن للنهار أن يكون كذلك؟
 
لقد قام أحد العلماء بدراسة دوران الكرة الأرضية حول الشمس وحول نفسها، وقال إن هذه الأرض لو توقفت عن الدوران مثلاً ودارت دورة كل 365 يوماً أي أن الأرض تدور حول الشمس دورة كاملة في السنة وتدول حول نفسها دورة كاملة في السنة، وبالتالي سيبقى هنالك وجه مضيء، ووجه مظلم، مثل القمر، لوجدنا نصف الكرة الأرضية فيه ليل سرمدي دائم والنصف الآخر فيه نهار سرمدي دائم.
والله تبارك وتعالى وضع على الأرض إشارة ليذكرنا بهذه النعمة، ففي منطقة القطب الشمالي حيث يستمر الليل في هذه المنطقة ستة أشهر ثم يستمر فيها النهار ستة أشهر أيضاً، فهذه إشارات إلى أن الله تبارك وتعالى عندما يحدثنا عن أشياء علمية فإنما يحدثنا عن حقائق من الممكن أن تحدث، أي أن القرآن لم يذكر أي حقيقة كونية إلا وهنالك إمكانية لتحقيقها، عندما قال: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) فهذا الأمر ممكن التحقيق ولا يترتب عليه أي خلل في نظام دوران الأرض، وكذلك عندما قال: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) كذلك أيضاً كان من الممكن أن تكون الأرض مثلاً ثابتة في مواجهة الشمس ويبقى النهار دائماً إلى يوم القيامة.
لماذا يذكر الله تبارك وتعالى هذه الآيات في كتابه ما هي العبرة؟
إنها معجزات تشهد على صدق القرآن وتزيدنا إيماناً وتعلقاً ولكن هنالك أشياء أخرى أيضاً. هنالك أهداف ينبغي أن نتأملها عندما يقول تبارك وتعالى: (أَفَلَا تَسْمَعُونَ) ويقول أيضاً: (أَفَلَا تُبْصِرُونَ) فالمطلوب منا أن نسمع ونبصر ونذكر نعمة الله تبارك وتعالى علينا، فالله عز وجل عندما خاطب كل واحد منا بقوله: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) [النحل: 18]، عندما خاطبنا بهذه الآية إنما خاطبنا لنذكر هذه النعم ونؤدي شكر الله تبارك وتعالى أنه جعل هذا الليل وهذا النهار نعمة لنسكن في الليل ونبتغي من فضل الله تبارك وتعالى في النهار.
ودائماً أقول عندما أتدبر هذا القرآن أحاول أن أفهم هذا القرآن، عندما يقول تبارك وتعالى: (سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) أتخيل كيف سيكون حالي وحال الكائنات على وجه الأرض إذا كان هنالك ليل دائم أو نهار دائم، وبالتالي هذه الآيات تدعوني لأن أقول كما علمنا رب العزة تبارك وتعالى: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [النمل: 93].

الفقاعات حول الأرض

الفقاعات حول الأرض

إنها ظاهرة محيرة للعلماء فكيف يمكن أن يحاط الغلاف الجوي بفقاعات هواء تصل حرارتها لعشرة ملايين درجة مئوية ولماذا سخرها الله؟.......

نشر موقع CNN خبراً علمياً شدَّني ما جاء فيه، حيث أعلن علماء الفلك مؤخراً أن الغلاف الجوي لكوكب الأرض يجيش بالانفجارات الهائلة، نتيجة انفجار فقاعات ضخمة من الهواء الساخن لدرجة حرارة شديدة جداً، والتي تستمر في التصاعد والنمو في الحجم، ثم الانفجار في الفضاء المحيط بالأرض.
وقد وجد علماء الفلك هذا النشاط حول الكوكب الأزرق، حيث يلتقي حقل الأرض المغناطيسي بتيار ثابت من الجزيئات المتدفقة من الشمس، وعلى الرغم من أن الفضاء يسمى عادة بالفراغ، إلا أنه في واقع الأمر، توجد به غازات في كل مكان، ولكنه ليس بكثافة الهواء الذي نتنفسه، ويطلق العلماء على الفقاعات المكتشفة حديثاً، اسم "ثقوب الكثافة"، إذ أن كثافة الغاز فيها أقل بعشر مرات.
ويقول العلماء إن الغاز الموجود بتلك الفقاعات، تصل درجة حرارته إلى ما يزيد على 10 ملايين درجة مئوية، وليس 100 ألف درجة، وهي درجة حرارة الغلاف الغازي المحيط بالأرض، والمعروف باسم طبقة االبلازما.
وبدأ العلماء دراسة هذه الفقاعات بعد أن تم جمع بيانات من قبل الفريق البحثي الذي شارك في المهمة المعروفة باسم "كلستر" التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية، والتي ضمت أسطول مكون من أربع مركبات فضائية. وظن الباحثون في البداية أن هناك خللاً قد أصاب معداتهم وأجهزة القياس التي كانت بحوزتهم، عندما مرت مركباتهم الفضائية عبر هذه الفقاعات.
وقال جورج باركس، من جامعة كاليفورنيا ببيركلي: نظرت إلى البيانات التي جمعتها المركبات الفضائية الأربعة، وقد لوحظت هذه المعلومات في المركبات الفضائية في وقت واحد، وعندها بدأت الاعتقاد بأنها حقيقية.
 
يقول الدكتور باركس وزملاؤه إن هذه الفقاعات تمتد إلى حوالي 1000 كيلومتر، وتظل على الغالب لمدة 10 ثوان قبل أن تنفجر وتستبدل بالرياح الشمسية الأقل برودة والأكثر كثافة. ولم يتوصل العلماء بعد بالتحديد، إلي أسباب وظروف تكون هذه الفقاعات، ولكن يشك الباحثون في أنها تتولد نتيجة اصطدام الرياح الشمسية بالحقل المغناطيسي للأرض، ليكوّن حداً يدعى صدمة القوس. وتتشابه هذه الظاهرة، مع الأثر الذي تكونه مقدمة القارب. وقد يساعد هذا الاكتشاف، العلماء والباحثين الذين يدرسون في مجال "فيزياء البلازما"، على استيعاب كيفية تفاعل الرياح الشمسية مع الحقل المغنطيسي للأرض.
وهنا يا أحبتي لابد لنا أن نتوقف مع هذا الخبر العلمي بشيء من التفكر، بل ونتساءل: لماذا وضع الله هذه الفقاعات حول الأرض؟ إن معظم العلماء يعتقدون أن أي ظاهرة في الكون لابد أن يكون من ورائها هدف وفائدة، وعلى الرغم من ذلك يقولون إن المصادفة هي التي خلقت هذه الظواهر المعقدة؟
ولكننا كمسلمين لدينا أعظم كتاب على الإطلاق، نعتقد أن الله جهز لنا الأرض لتكون صالحة لاستمرار الحياة على ظهرها، وأنه أحاطها بهذا الغلاف الجوي، ولكنه لا يكفي فأحاطها بغلاف مغنطيسي قوي جداً، ولكنه لا يكفي أيضاً، فسخر فقاعات الهواء لتنتفخ على حدود الغلاف الجوي وتسخن وتشكل حاجزاً بيننا وبين الرياح الشمسية القاتلة.
 
يقول العلماء إن هذه الرياح القادمة من الشمس باتجاه الأرض، لو قدر لها أن تصطدم بالأرض لأحرقتها على الفور!! ولكن من رحمة الله بنا أنه جهز الأرض بوسائل حماية متعددة تحفظنا بل وتحفظ الغلاف الجوي الذي فيه الهواء والغيوم وفيه حياتنا، فحفظ الله هذا الغلاف من فوقنا (وهو كالسماء بالنسبة لنا، لأن أهل اللغة يقولون كل ما علاك فهو سماك)، فهذا الغلاف هو سقف نحتمي تحته، ولكنه بحاجة لمن يحفظه لنا!
وهنا يتجلى قول الحق تبارك وتعالى عندما قال: (وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ) [الأنبياء: 32]. وسبحان الله عندما قال: (مَحْفُوظًا) ولم يقل (حافظاً) لأن هذا السقف (الغلاف الجوي) لا يستطيع أن يحفظنا بذاته إنما يحتاج لحماية وحفظ ورعاية من الخالق ولذلك قال (مَحْفُوظًا) أي أن الله حفظه لنا فهل نشكر نعمة الله علينا؟
وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ

الأحد، 11 مايو 2014

الصدقة تخرجه من قبره بعد ستة أعوام

الصدقة تخرجه من قبره بعد ستة أعوام

الصدقة تخرجه من قبره بعد ستة أعوام
كم من صدقة أنقذت صاحبها، وكم من همّ وضيق وكربة فرجتها الصدقة الخالصة التي وضعها العبد المؤمن في كف فقير فوقعت أولاً في يد الرحمن، فكانت لصاحبها نورًا وبرهانًا ونجاة في الدنيا والآخرة. 



والآيات والأحاديث والآثار التي تدعو للصدقة وتحض عليها وتبين فضلها كثيرة جدًا، والمواقف من حياة المتصدقين وواقعهم كثيرة، كلها ذات عبر ودلالات وتؤكد على عظم مكانة الصدقة، وأهميتها ودورها الخفي والذي قد لا يشعر به كثير من الناس حتى من المتصدقين أنفسهم في إنقاذ صاحبها من النوازل والبلايا العظيمة، تمامًا مثلما حصل للذي حبس في البئر، وفي هذه القصة العجيبة التي سنرويها أعظم دليل على فضل الصدقة التي هي طوق نجاة من كل همّ وضيق وكربة. 



فلقد روى الإمام الشوكاني في كتابه الرائع «البدر الطالع بمحاسن ما بعد القرن السابع» في المجلد رقم (1) ص493، هذه القصة العجيبة في فضل الصدقة، وقد نص على تواترها وانتشارها بين أرجاء القطر اليماني على اتساعه وضعف الاتصالات بين أهله لوعورة طرقه وسبله، وذلك حتى لا يبقى لطاعن ولا متهكم على أمثال هذه القصص سبيل، وحتى لا نتهم بتغييب العقول أو تكريس الخرافات كما سبق وفعل ذلك بعض دعاة الزمان، والله عز وجل وكيلنا وحسيبنا. 



ومفاد هذه القصة أن رجلاً من أهل بلدة باليمن تسمى الحمرة وتقع في غرب اليمن قريبًا من ساحل البحر الأحمر، كان يعمل بالزراعة، ومشهورًا بالصلاح والتقوى وكثرة الإنفاق على الفقراء وخاصة عابري السبيل، وقد قام هذا الرجل ببناء مسجد، وجعل فيه كل ليلة سراجًا يوقد لهداية المارة وطعام عشاء للمحتاجين، فإن وجد من يتصدق عليه أعطاه الطعام وإلا أكله هو وقام يصلي لله عز وجل تنفلاً وتطوعًا، وهكذا دأبه وحاله. 



وبعد فترة من الزمن وقع القحط والجفاف بأرض اليمن، وجفت مياه الأنهار وحتى الآبار، وكان هذا الرجل يعمل في الزراعة، ولا يستغني عن الماء لحياته وزراعته، وكانت له بئر قد غار ماؤها، فأخذ يحتفرها هو وأولاده، وأثناء الحفر وكان الرجل في قعر البئر انهارت جدران البئر عليه، وسقط ما حول البئر من الأرض وانردم البئر كله على الرجل، فأيس منه أولاده، ولم يحاولوا استخراجه من البئر وقالوا قد صار هذا قبره وبكوا عليه وصلوا واقتسموا ماله ظنًا منهم وفاته. 



لم يعلم الأولاد ما جرى لأبيهم في قاع البئر المنهار، ذلك أن الرجل الصالح عندما انهدم البئر كان قد وصل إلى كهف في قاع البئر، فلما انهارت جدران البئر سقطت منه خشبة كبيرة منعت باقي الهدم من الحجارة وغيرها أن تصيب الرجل، وبقي الرجل في ظلمة الكهف ووحشته لا يرى أصابعه من شدة الظلمة، وهنا وقعت الكرامة وجاء الفرج بعد الشدة، وظهر دور الصدقة في أحلك الظروف، إذ فوجئ الرجل الصالح بسراج يزهر فوق رأسه عند مقدمة الكهف أضاء له ظلمات قبره الافتراضي، ثم وجد طعامًا هو بعينه الذي كان يحمله للفقراء في كل ليلة، وكان هذا الطعام يأتيه كل ليلة وبه يفرق ما بين الليل والنهار، ويقض وقته في الذكر والدعاء والمناجاة والصلاة. 



ظل العبد الصالح حبيس قبره ورهين بئره ست سنوات، وهو على حاله التي ذكرناها، ثم بدا لأولاده أن يعيدوا حفر البئر وإعمارها من جديد، فحفروها حتى وصلوا إلى قعرها حيث باب الكهف، وكم كانت المفاجأة مروعة والدهشة هائلة عندما وجدوا أباهم حيًا في عافية وسلامة، فسألوه عن الخبر فأخبرهم وعرفهم أن الصدقة التي كان يحملها كل ليلة بقيت تحمل له في كربته وقبره كل ليلة حتى خرج من قبره بعد ست سنوات كاملة.

السبت، 10 مايو 2014

صحراء العرب كانت واحة خضراء

صحراء العرب كانت واحة خضراء

وهذه دراسة جديدة تؤكد صدق الحديث النبوي الشريف، حيث وجد العلماء أن أرض العرب في الربع الخالي والصحراء الكبرى كانت مليئة بالأنهار والمروج.......

في بحث سابق أثبتنا أن صحراء الجزيرة العربية كانت ذات يوم مغطاة بالمروج والأنهار، ولكن العجيب أن العلماء كشفوا أن الصحراء الكبرى في وسط أفريقيا أيضاً كانت مغطاة بالمروج والأنهار والنباتات والغابات والمراعي!
فقد قال باحثون إنهم اكتشفوا مقبرة تعود للعصر الحجري على شواطئ بحيرة قديمة جافة بالصحراء الكبرى كانت تمتلئ بهياكل عظيمة لبشر واسماك وتماسيح عاشوا عندما كانت الصحراء الكبرى بأفريقيا واحة خضراء.
وقال بول سيريبنو الباحث بجامعة شيكاغو إن موقعا يعود تاريخه لعشرة آلاف عام بالنيجر يطلق عليه (جوبيرو) أي قبر كما يسميه الطوارق اكتشف في عام 2000 ولكن المجموعة لن تجمع سوى مؤخرا فقط معلومات كافية لاستكمال تقرير شامل. ويضم الموقع 200 قبر على الأقل يبدو أنها كانت تخص منطقتين منفصلتين عن بعضهما بما يصل إلى ألف عام.
 
تعد الصحراء الكبرى من كبريات المناطق الصحراوية في العالم ويعود تاريخها لعشرات الآلاف من السنين ولكن تغييراً في مدار الأرض قبل 12 ألف عام جلب رياحا موسمية إلى الشمال أكثر. وجمع أفراد الفريق بعضاً من بقايا مينا الأسنان من الهياكل البشرية وحبوب اللقاح والعظام وفحصوا التربة والأدوات لتحديد تاريخ الموقع والأعمال اليدوية والبقايا.
وعثر الفريق على مجموعة من العظام البشرية والحيوانية والمصنوعات اليدوية خلال عمليات بحث عن حفريات لديناصورات. وقال سيرينو الذي اكتشف الموقف خلال عمله مع ناشيونال جيوجرافيك: اكتشفت أننا كنا في الجنة الخضراء.
 
صورة الأقمار الاصطناعية لمنطقة الصحراء الكبرى وتبين وجود مجاري للأنهار دفنتها رمال الصحراء، وهذه الأنهار موجودة تحت عمق عدة أمتار تحت الرمل، وتؤكد أن الصحراء كانت ذات يوم مغطاة بالمروج والأنهار. وقد حصل فريق البحث على الكثير من المستحاثات لعظام أسماك تدل على وجود أنهار في هذه المنطقة.
هذا الخبر العلمي نشره موقع وكالة رويترز قبل مدة وقد رأيت أنه حلقة في سلسلة لا يزال العلماء يكشفونها تؤكد أن صحراء العرب كانت مروجاً وأنهاراً، فصحراء الجزيرة العربية هي أرض العرب، والصحراء الكبرى في معظمها أرض للعرب أيضاً، ويؤكد البحث الجديد أن هذه المناطق الجافة كانت ذات يوم مغطاة بالمروج والأنهار.
 
خريطة العالم ويبين اللون الأحمر المناطق الصحراوية ونلاحظ أن معظم الصحارى موجودة في البلاد العربية، فصحراء الربع الخالي موجودة في شبه الجزيرة العربية، والصحراء الكبرى موجودة في جنوب ليبيا والجزائر ومصر، ويمكن القول: إن معظم أرض العرب هي صحراء!
وهناك أبحاث أخرى تقوم بها وكالة ناسا اليوم بهدف معرفة مستقبل التغير المناخي، ويؤكد العلماء أن هناك دورة دقيقة للمناخ تتغير بنظام ونجدهم يرسمون مخططات بيانية تظهر أن مناطق الصحراء (الجزيرة العربية والصحراء الكبرى) كانت مليئة بالأنهار والغابات ذات يوم، وسوف تعود هذه المناطق الجافة لتخضر من جديد وتتدفق فيها الأنهار وذلك في المستقبل.
إن هذه النتائج التي يؤكدها علماء وكالة ناسا قد أخبر بها النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم قبل أربعة عشر قرناً بكل دقة وأمانة! قال صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجاً وانهاراً) [رواه مسلم]. وانظروا معي إلى البيان النبوي الرائع حيث عبَّر عن هذه المناطق الصحراوية بقوله (أرض العرب) ليدل على أن معظم أرض العرب عبارة عن صحارى وأن هذه الصحارى كانت خضراء وستعود كذلك.

الكوارث المناخية... هل نحن على شفا الهاوية؟

الكوارث المناخية... هل نحن على شفا الهاوية؟

الأرض مقبلة على عصر جديد لا يسرّ الفقراء ولا الأغنياء فالجميع سيتعرضون للكوارث البيئية الخطيرة، ولكن كيف نقرأ هذه الصورة القاتمة لمستقبل الأرض؟.......

جميع العلماء يؤكدون أن التغير المناخي سيتسارع وسوف يسبب كوارث هائلة لكوكب الأرض، وربما من أهم الكوارث هو نقص الغذاء والماء والموارد الطبيعية، حيث أدى الإسراف الهائل للدول الغنية إلى إفساد هذا الكوكب بعد أن جعله الله صالحاً للحياة.
مستقبل الأرض مقبل على كارثة حقيقية
أكدت دراسة علمية جديدة تتناول ظاهرة الاحتباس الحراري أن تأثيراتها على منطقة حوض البحر المتوسط والبرازيل وغرب الولايات المتحدة ستكون كارثية، مع تزايد فترات الجفاف والحرارة وهطول الأمطار بشكل إعصاري.
يقول الباحث كلاوديو تيبالدي الذي أشرف على الدراسة: إن مناطق شاسعة من العالم ستتعرض لتحديات مناخية كبيرة، أبرزها منطقة البحر المتوسط وغرب الولايات المتحدة والبرازيل. إن ارتفاع حرارة الأرض سيتسبب بأعاصير في منطقة المحيط الهادئ تفاقم ظاهرة النينو، مما سيؤدي إلى نتائج مدمرة على امتداد غرب الولايات المتحدة وصولاً إلى البرازيل. أما منطقة البحر المتوسط فستتأثر بتغيير اتجاه التيارات الهوائية القادمة من المنطقة الاستوائية في المحيط الأطلسي.
إن انعكاسات هذه الظروف المناخية الجديدة لن يقتصر على البشر بل سيتعدَّاهم ليشمل الثدييات ككل، بالإضافة إلى النباتات والحيوانات البحرية. وتعتمد الدراسة على توقعات مستقبلية قامت بها برامج كومبيوتر خاصة، بعد إدخال البيانات السنوية المتعلقة بالحرارة واتجاهات الريح وكميات الأمطار. وتوقعت الدراسة أن تكون ذروة هذه التحولات المناخية عام 2099، الذي سيشهد موجات حرّ طويلة وليالي شديدة الدفء وجفافاً.
وتشدّد الدراسة على خطورة ظاهرة الليالي الدافئة التي اعتاد العالم أن يشهدها مرة كل قرن، متوقعة تكرارها في الفترة المقبلة سنوياً، مذكرة بليالي شيكاغو الحارة عام 1995 التي تبعتها حالات وفاة كثيرة في صفوف الشيوخ والأطفال. كما لفتت الدراسة إلى أن من نتائج هذا الارتفاع في درجات الحرارة تزايد أعداد الحشرات بشكل كبير، وتسارع نمو النباتات وانقطاع الأمطار لفترات طويلة، ثم هبوطها بشكل سيلي.
الناس يستهلكون أكثر مما تنتجه الطبيعة
في الثالث والعشرين من سبتمبر/أيلول 2008، استهلك البشر كافة الموارد التي توفرها الطبيعة هذا العام، وذلك حسب بيانات صادرة عن "شبكة البصمة العالمية" Global Footprint Network، الأمر الذي يعاني زيادة المشاكل البيئيّة الملحة، كالتغيير المناخي ونقص التنوع الحيوي وتقلص الغابات واضمحلال الموارد السمكية. ويأتي هذا استمراراً لحالة التجاوز البيئي التي بدأت في ثمانينيات القرن الماضي، حيث بدأت البشرية تستنفد الموارد بشكل يفوق ما تعيد الطبيعة توليده منها، الأمر الذي يخل بعملية التوازن البيئي.
إن شبكة البصمة العالمية، هي مؤسسة أبحاث متخصصة بقياس مقدار الموارد الطبيعية التي تتوفر للبشرية، وتلك التي يستهلكها البشر، ومقدار استهلاك الشعوب من الموارد المختلفة. وتركز شبكة البصمة البيئية وشركاؤها العالميون على حل مشكلة استنزاف الموارد، وذلك بالعمل مع الشركات وقادة الحكومات بهدف جعل التدابير والقيود البيئية في مقدمة عمليات اتخاذ القرار في كل مكان.
وحالياً يعادل الطلب والاستهلاك البشري للموارد الطبيعية، على مستوى العالم، القدرة الحيوية لـ 1.4 من كوكبنا، حسب بيانات الشبكة العالمية، ما يعني أن الموارد الطبيعية، كالأشجار والأسماك، تواصل تقلّصها، بينما تزداد النفايات ويتراكم غاز ثاني أكسيد الكربون.
ويقول المدير التنفيذي لشبكة البصمة العالمية ماتياس فاكرناغل: اعتباراً من الآن وحتى نهاية العام 2008 فإننا سنستهلك من احتياطينا البيئي، حيث بدأنا الاستعارة من المستقبل! ويمكن لهذا الأمر أن يستمر لفترة قصيرة، لكنه في النهاية سيؤدي إلى تراكم كميات كبيرة من النفايات واستنزاف جميع الموارد التي يعتمد عليها الاقتصاد الإنساني.
يُذكر أن شبكة البصمة العالمية تقوم كل عام بحساب الأثر البيئي للبشرية، وتستخدمه لتحديد التاريخ الفعلي الذي يستهلك فيه البشر الموارد الطبيعية السنوية ويبدأ الإنسان باستهلاك ما يفوق قدرة الأرض على إنتاجه سنوياً. وقد كان يوم الحادي والثلاثين من ديسمبر/كانون الأول عام 1986 أول يوم تجاوز فيه استهلاك البشرية موارد كوكب الأرض المتاحة.
وبعد عشر سنوات ازداد استهلاك البشرية من الموارد سنوياً بنسبة 15 في المائة عما يمكن للكوكب إنتاجه، فأصبح "يوم تجاوز موارد الأرض" في شهر نوفمبر/تشرين الثاني. وهذا العام 2008، وبعد أكثر من عقدين على مرور أول يوم لتجاوز الموارد، تراجع التاريخ إلى 23 سبتمبر/أيلول، وأصبح معدل التجاوز أكثر من قدرة الكوكب بـ40 في المائة.
وتبين توقعات الأمم المتحدة أنه إذا استمر الحال عليه كما هو الآن، فإن العالم يحتاج إلى ما يعادل موارد كوكبين بحلول العام 2050، ما يؤدي إلى سحب يوم التجاوز البيئي إلى الأول من يوليو/تموز عام 2050، ويعني أن الكوكب يحتاج إلى عامين لإعادة توليد الموارد التي نستهلكها في عام واحد. ومع تزايد استهلاك البشر للموارد الطبيعية، فإن اليوم الذي نتجاوز فيه مخصصاتنا السنوية من الطبيعة ونبدأ العيش على موارد المستقبل والأجيال المقبلة، ينسحب إلى أوقات مبكرة من العام تدريجياً.
الإنسان هو المسؤول عن هذه التغيرات في المناخ
أعلنت اللجنة الحكومية المشتركة للتغير المناخي أن أسباب التغير أو على الأقل نسبة 90 بالمئة منها تعود للإنسان. ويعتبر هذا الموقف متطوراً جداً عما كانت هذه اللجنة قد أشارت إليه في تقريرها عام 2001. ومن المنتظر أن تصدر اللجنة المشتركة تقريراً يوم الجمعة يفسر هذه المعلومات ويفندها إلا أن الخبراء لا يزالون يعملون على تحليل بعض العوامل مثل توقعات ارتفاع منسوب البحار.
ويبدو أن هناك انقساماً حول تقدير ارتفاع منسوب البحار فهناك بعض الذين يميلون إلى النمط التقليدي أي ارتفاع المنسوب نحو 50 سنتمتراً مع نهاية القرن الحالي، دون الأخذ في الاعتبار ذوبان الجليد القطبي، وهناك علماء آخرون يقترحون النظر إلى أهمية ذوبان الجليد القطبي وانعكاسه على منسوب مياه البحار.
إن حرارة الجو سترتفع ما بين درجتين وأربع درجات ونصف، إلا أن تحديداً أكثر دقة لهذا الموضوع لم يتم حتى الآن. ومن المتوقع أن تؤدي المشاورات الجارية هذا الأسبوع في العاصمة الفرنسية باريس إلى توصيف الوضع الحالي للتغير المناخي استناداً إلى عمل آلاف الباحثين في هذا المجال. على صعيد آخر يجذب التقرير حول التغير المناخي الذي تصدره اللجنة الحكومية المشتركة الكثيرين من بينهم سياسيين ومنظمات حكومية تعنى بالشأن البيئي، لأن عمل اللجنة الحكومية وتقريرها يعتبر من أهم الملاحظات العلمية في هذا المجال.
ومن المنتظر أن تدعم اللجنة إحدى النظريات التي أثارت جدلاً كبيراً في الأعوام القليلة الماضية والتي تعتبر أن ارتفاع حرارة الطقس قد يكون مسؤولاً بنسبة 66 بالمئة عن وقوع عواصف قوية جداً في بعض أنحاء العالم.
المسؤولون يحذرون من الكوارث المناخية
أصدرت الأمم المتحدة تقريرا عن التغيرات المناخية يحذر من احتمالات زيادة مفاجئة في درجات حرارة الأرض. ويقول الأمين العام للمنظمة بعد زيارته للقارة القطبية الجنوبيَّة لتفقد آثار الاحتباس الحراري: "أتيت إليكم بعد أن رأيت بعضا من أثمن كنوز كوكبنا مهددة بأيدي البشر أنفسهم وعلى البشرية كلها تحمل مسؤولية تلك الكنوز.
كانت لجنة تابعة للأمم المتَّحدة أعدت تقريراً مناخيَّاً اعتُبر نقطة تحوُّل كبرى، وقالت اللَّجنة إنَّه يتعيَّن على العالم أن يتصرَّف بسرعة لمنع وقوع أسوأ النتائج المتوقَّعة في مجال تغيُّر المناخ. ففي أعقاب محادثات شاقَّة أجروها في مدينة فالنسيا الإسبانيَّة، وافق العلماء المشاركون على وثيقة يأملون أن يرسموا من خلالها إطار الحوار بشأن المرحلة القادمة من مكافحة التغيُّر المناخي. وقد أقرَّت الوثيقة بحقيقة أنَّ الاحتباس الكوني واضح إلى درجة لا لبس فيها! وقالت إنَّ هذا قد يؤدِّي إلى عواقب وخيمة ومفاجئة ويصعب وقفها في المستقبل.
وكان المندوبون إلى اجتماع اللجنة الدَّوليَّة لتغيُّر المناخ قد أوجزوا آلاف الصفحات من التحليلات العلميَّة وأضافوا إليها العناصر التي وردت في التقارير الثلاثة السابقة لهذا العام حول علم تغيُّر المناخ والعواقب والتكيُّف والخيارات التي تخفِّف من حدَّة المشكلة. ويقول بيل هاري عالم المناخ الأسترالي إن هذا التقرير هو الأقوى الذي تصدره اللجنة الدولية للتغير المناخي، لكنه يوضح أنه لا يزال هناك وقت لتدارك الوضع.
ومن بين الاستنتاجات الرئيسة التي توصل إليها التقرير أن التغير المناخي بات مؤكدا ولا مجال للتشكيك فيه، وأنه من المرجح بنسبة تزيد على 90 بالمئة أن تكون انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بفعل البشر السبب الرئيس في تغير المناخ، وأن تداعيات ذلك يمكن تقليصها بتكلفة معقولة.
وخلص ملخص التقرير إلى أنه يحتمل أن تكون نسبة من 20 إلى 30 في المئة من الكائنات التي شملتها الدراسة حتى الآن أكثر عرضة للفناء إذا تجاوز متوسط زيادة درجة حرارة الأرض 1.5 إلى 2.5 درجة مئوية (مقارنة مع متوسط الفترة 1980-1999). يقول هانز فيرولمي مدير برنامج التغير المناخي في منظمة دبليو دبليو إف البيئية: إن تغير المناخ قائم، فهو يؤثر على حياتنا وعلى الاقتصاد، ونحن بحاجة لفعل شيء تجاهه.








صور من زلزال اليابان المدمر حيث اشتعلت الحرائق ودمرت المنازل والمعامل والطائرات خلال دقائق معدودة... فهل نستعد لزلزال يوم القيامة حيث لا ينفع الندم؟!
كوكب الزهرة والتغير المناخي
يتكون الغلاف الجوي لكوكب الزهرة في معظمه من ثاني أكسيد الكربون، وقد خلص علماء إلى أن رصد كوكب الزهرة قد يساعد في مكافحة التغير المناخي على كوكب الأرض. وتُظهر بيانات يسجلها المجس الأوروبي "فينوس إكسبريس" الذي يقوم بالدوران حول كوكب الزهرة صورة للكوكب ربما كان في مرحلة ما مماثلاً للأرض، ثم تطوَّر بطريقة أخرى بعد ذلك. فقد تأثر كوكب الزهرة بالاحتباس الحراري مع احتجاز أشعة الشمس والتي نجم عنها رفع درجة حرارة الكوكب لتصبح بمعدل 467 درجة مئوية. وقد تم نشر هذه الدراسة في المجلة العلمية "Nature" أو الطبيعة.
ويتشابه كوكبا الزهرة والأرض في الحجم والكتلة والتركيب إلى حد كبير. إلا أن الزهرة أقرب إلى الشمس، وإن كان هذا وحده لا يفسر الاختلافات بينه وبين كوكب الأرض. ولا يوجد حول كوكب الزهرة مجال مغناطيسي كالذي يحيط بالأرض، مما يعني أن مناخها يتأثر على مدى مليارات السنين بلفح الإشعاع الكوني والرياح الشمسية، وهي تيار من الذرات المشحونة صادرة عن الشمس.
ويؤدي غياب المجال المغناطيسي إلى أن الرياح الشمسية تحمل غازات الهيدروجين والهيليوم والأكسجين إلى مسافات أبعد عن كوكب الزهرة منها عن كوكب الأرض. ويعتقد العلماء أن كوكب الزهرة ربما كان فيه في وقت ما كميات وافرة جداً من المياه، إلا أن الرياح الشمسية قد قضت على معظم هذه المياه خلال مليارات السنين الأولى من عمر النظام الشمسي.
ويقول فريد تايلور الأستاذ في جامعة أكسفورد، وأحد العلماء المشرفين على مهمة فينوس إكسبريس: لقد بدأ يتضح لماذا يختلف مناخ الزهرة اختلافاً شديداً عن مناخ الأرض، فيما يتشابهان في كل أمر آخر تقريباً. ويؤكد العلماء حدوث برق في كوكب الزهرة، وكانت مثل هذه الفكرة تثير الجدل، إلا أن أداة القياس المغناطيسي على "فينوس إكسبريس" قد قضت على أي شكوك في هذا المجال.
وفي الحقيقة فإن بيانات المجس تشير إلى حدوث البرق على كوكب الزهرة بمعدلات أعلى من حدوثه على كوكب الأرض. وكانت أبحاث سابقة قد دلت على وجود بؤرة ضخمة ودوارة من الغيوم في القطب الشمالي من الكوكب. وأظهرت الأبحاث الحديثة دليلا على وجود مثل هذه البؤرة في القطب الجنوبي للكوكب، لكنها تدور بسرعة أكبر.
نداء بعدم الإسراف
حذر الصندوق العالمي للبيئة من مستقبل بيئي قاتم ينتظر سكان كوكب الأرض، بسبب استهلاك البشر للموارد بسرعة تفوق بكثير قدرة الكوكب على تعويضها، وسط اتساع رقعة التصحر وتزايد في أعداد الأنواع المهددة بالانقراض. وقال التقرير الذي يتناول وضع البيئة عالمياً، إنه بحلول العام 2050، سيكون معدل استهلاك سكان الأرض للموارد أعلى بمرتين من قدرة الكوكب على التجديد، الأمر الذي يهدد بكوارث بيئية ومجاعات ما لم يتم الحد بشكل صارم من الاستهلاك.
ولجأ التقرير إلى قياس مساحة الأرض اللازمة للفرد لتأمين غذاءه، والتخلص من نفاياته، فوجد أن المساحة قد زادت بمقدار ثلاثة أضعاف في الفترة الممتدة بين العامين 1961 و2003. وسجلت أعلى معدلات استهلاك الفرد من موارد الأرض في دولة الإمارات العربية المتحدة وفي الولايات المتحدة الأمريكية. وحل خلفهما فنلندا وكندا والكويت والنمسا وأستونيا والسويد ونيوزيلندا والنروج، بينما جاءت الصين في المرتبة 69، رغم أن التقرير يشير إلى أن أسلوب تعاطي الصين مستقبلاً مع الموارد الطبيعية سيحدد بشكل كبير مستقبل الأرض بسبب نموها الهائل المستمر. الوكالة نقلت عن مدير الصندوق العالمي للبيئة جيمس لياب قوله إن معدلات الاستهلاك الحالية كبيرة جداً، لدرجة أن ثروات الغابات والبحار ستختفي تماماً في فترة قريبة.
المحيطات لم تعد قادرة على استيعاب التلوث
قال العلماء إن كمية غازات ثاني أكسيد الكربون التي تمتصها المحيطات في العالم قد قلت. وأخذ باحثون من جامعة إيست أنجليا أكثر من 90 ألف قياس بفضل سفن تجارية مزودة بأجهزة إلكترونية لتحديد كمية ثاني أكسيد الكربون التي امتصتها المحيطات. وأظهرت نتائج الدراسة التي أنجزها فريق البحث على مدى عشر سنوات في شمال المحيط الأطلسي أن كمية ثاني أكسيد الكربون التي امتصها المحيط قلت بنسبة النصف ما بين أواسط التسعينيات من القرن الماضي وعام 2005.
ويعتقد العلماء أن ارتفاع درجة حرارة الأرض يزداد سوءاً في حال امتصاص المحيطات كميات أقل من الغازات المسببة للاحتباس الحراري. وقال الباحثون إن نتائج أبحاثهم التي نُشرت في مجلة جيوفيزكال ريسرتش العلمية كانت مفاجئة ومقلقة في الوقت ذاته لأنه كانت هناك أسباب تدعو للاعتقاد أن عامل الزمن من شأنه جعل المحيطات مُشبعة بالانبعاثات الغازية.
ويقول محلل بي بي سي لشؤون البيئة روجر هارابين: الباحثون لا يعرفون ما إن كان التغير الحاصل ناتج عن التغير المناخي أو يُعزى إلى تغيرات أخرى تحدث في الطبيعة. غير أن الباحثين يقولون إنها (نتائج أبحاثهم) مثلت مفاجأة كبرى ومصدر قلق لهم بسبب وجود ما يدعو إلى الاعتقاد أنه مع مرور الوقت، فإن المحيط قد يصبح "مُشبعا" بانبعاثاتنا أي أنه غير قادر على امتصاص كميات إضافية. إن هذا الوضع سيجعل الانبعاثات التي نتسبب فيها ترفع درجة حرارة الجو. ولا يبقى من غازات ثاني أكسيد الكربون المنبعثة إلى الجو سوى نصف الكمية، بينما يتحول النصف الآخر إلى ترسبات فحمية.
تحذيرات مستمرة
تقول جماعات تعمل في مجال البيئة والإغاثة إن تأثير انبعاث الغازات الضارة قد يعوق محاولات تحسين أحوال أكثر الناس فقراً ويحدّ من التقدم والتنمية البشرية. ويدعو تقرير أصدره ائتلاف من وكالات البيئة والإغاثة إلى اتخاذ إجراء عاجل لتفادي هذا التهديد. وتقول مجموعة العمل الخاصة بالتغير المناخي والتنمية انه يتعين على الدول الصناعية الحد من انبعاثات الكربون بنسبة كبيرة بحلول منتصف القرن الحالي. وترى المجموعة انه يتعين على هذه الدول أيضاً مساعدة الدول النامية على التكيف مع التغير المناخي.
ويقول التقرير الذي أصدره ائتلاف الوكالات البيئية إن ظاهرة الاحتباس الحراري تهدد بعدم إدراك أهداف التنمية الألفية التي اتفق عليها دوليا لتقليل نسبة الفقر في العالم إلى النصف بحلول عام 2015. ويقول التقرير إن الاحتباس الحراري يمكن أن يعوق حتى تحقيق انجازات في التنمية البشرية.
من أكثر الأمور اللافتة التي تمثل باعثاً كبيراً للقلق هي الصلة بين التغير المناخي وانتشار الفقر على نطاق واسع في العالم. وكما يشير تقرير التقييم الثالث للجنة الحكومات الخاصة بالتغير المناخي فان آثار التغير المناخي ستقع بشكل متفاوت على الدول النامية والفقراء في جميع الدول.
وقال اندرو سيمس الذي كتب التقرير إن "آلاف الناس يبذلون جهوداً حثيثة للقضاء على الفقر لكن ظاهرة الاحتباس الحراري يتم تجاهلها بشدة. ولإنقاذ الموقف نحتاج إلى وضع إطار عمل عالمي يعتمد على المساواة لوقف التغير المناخي ويتعين علينا أن نضمن أن تكون خطط التنمية البشرية صديقة للمناخ.
ويقول الائتلاف إنه يجب الأخذ في الاعتبار عند مساعدة الدول النامية على التكيف مع التغير المناخي أن الإعانات التي تقدمها الدولة الغنية لصناعاتها التي تعتمد على الوقود الأحفوري بلغت 73 مليار دولار في السنة في نهاية التسعينات. ويرى الائتلاف انه يتعين على الدول الصناعية الحد من انبعاثات الغازات الضارة بنسبة اقل من مستوياتها عام 1990 بما يتراوح بين 60 إلى 80 بالمئة لوقف خروج التغير المناخي عن السيطرة. ويقول التقرير إن الإنسانية ليس لها أي خيار في ظل مواجهة التحديات الناجمة عن المستويات الكبيرة للفقر وظاهرة الاحتباس الحراري.
كيف نقرأ هذه التقارير كمسلمين؟
الحقيقة مرة دائماً كما يقول المثل الشعبي، ولكن المؤمن كلّ شأنه خير، إذا ابتُلي فصبر فكان خيراً له، وإذا أصابه خير شكر فكان خيراً له، هذا ما أخبر به النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم. فالأرض مقبلة على كارثة حقيقية بما صنعت أيدي الناس. واليوم يستغيث الباحثون لإيجاد مخرج من هذه الأزمة بالتقليل من التلوث، وآخرون ينادون بعدم الإسراف والرفاهية، وجميع هذه التحذيرات جاءت في القرآن قبل أربعة عشر قرناً من وقوع الكارثة!
فالله عز وجل حذَّرنا في آية عظيمة تحدث فيها عن الفساد في البر والبحر وضرورة الرجوع لكتاب الله والالتزام بمنهج الإسلام لأنه أفضل منهج على الإطلاق، يقول تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الروم: 41]. وقد رأينا آخر التقارير الصادرة حول البيئة تؤكد أن الناس هم من لوَّث وأفسد مناخ الأرض، وهناك أمل في علاج هذه الظاهرة بشرط عدم الإسراف في الرفاهية.
وهذا الشرط الذي يضعه العلماء كمقدمة للعلاج، قد جاء به القرآن أيضاً، يقول تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأعراف: 31]. وهناك الكثير من الآيات تؤكد على تحريم الإسراف، يقول تعالى على لسان سيدنا صالح عليه السلام: (وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ) [الشعراء: 151-152]. وقد جعل الله عدم الإسراف من أعمال المؤمنين الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات، يقول تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) [الفرقان: 67].
وينبغي أن نُظهر للعالم تعاليم كتابنا الكريم وأن الناس لو التزموا بهذه التعاليم لما وصل العالم إلى هذه الدرجة من التدهور البيئي، وهنا نتذكر قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) [الأعراف: 96- 99].

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More